الخميس، 14 أكتوبر 2021

الإعلام المتجدد

الإعلام المتجدد

في هذه اللحظة أضع أول قطرات من حبر قلمي في منبر إعلامي حقيقي بعدما عشتُ زمناً ليس بالقليل ولا بالكثير أكتب لنفسي و أُكوِّم أوراقي في رف مكتبي و أقول لنفسي هل سيأتي اليوم الذي تستحق أحرفي أن يقرأها أحد ؟ إلى أن بدأ دبيب وسائل التواصل الاجتماعي يخطو بهدوء متسارع إلى الأعلى ، فالتحقتُ بـ(فيس بوك) و رأت كلماتي و انطباعاتي النور و لاقت تفاعلاً بين وفاق واعتراض ، وهنا يكمن الأمر، فإن قولي بأن قطرات حبري انطلقت للعلن ما هو إلا تعبير مجازي فدبيب الإعلام الجديد صار طوفاناً جارفاً خطف اللألباب .

و هذا يقودني لاقتراح اسم أظنُه أدقّ في وصف الإعلام الجديد و هو الإعلامُ المُتجدد ، هذا الإعلام الذي أجبر كيانات الإعلام التقليدي العظمى على الدخول فيه  و الذي تميز باحتضان الكل دون استثناء إلى ان خطف من قناة الجزيرة شعارها المعروف (منبر من لا منبر له) فتخيلوا معي حجم هذا المنبر الإلكتروني الذي يضم بداخله ما يزيد على 71 مليون مستخدم عربي نشط  حتى منتصف عام 2014 - بحسب تقرير نظرة على الإعلام الاجتماعي الصادر عن كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية-  ، و مع ذلك فإنه يقفز بنا كل يوم من مكان لآخر و من شكل لشكل أكثر تطوراً ، و الأعجبُ أنه يعيد تشكيل نفسه مع تزايد المستخدمين و اتساع شريحتهم كل يوم  فـ(اليوتوب) مثلاً لم يتخيل أحد أنه سيكون مصدراً موثوقاً لاستقاء المعلومة ، ولا خطر على ذهن أحدِ الوضعُ الحالي من استحواذ فكرة التسويق و التجارة على (انستقرام) ، و هكذا نجده يجدد و يشكل نفسه كلما نمى تفاعل الناس فيه فيوسعونه و يتوسعون معه فبتناميه تتنامى معه شرائح المستخدمين و يزداد التفاعل.

إن التسارع الرهيب في عالم الإعلام المتجدد يضعنا دائماً في خانة التكهن بمستقبله ،فهل ستتحول مقالة كهذه لمقطع مرئي مثلاً كبديل عن كتابتها بسبب انحسار أعداد القراء حول العالم يوماً بعد يوم ، و لو حصل ذلك فهل سيصبح تفاعل الناس معه مرئياً كذلك ، أم هل ستصبح هذه المقالات المرئية أكثر ذكاءً لتتمكن من التفاعل و الإجابة على أسئلة الجمهور و مناقشتهم بشكل إلكتروني بحت اعتماداً على إعدادات معينة يضعها الكاتب سلفاً، و يا ترى هل سيتمكن جهاز الكمبيوتر من قراءة أفكاري ليكتبها بدلاً  من كتابتها على الورق أو طباعتها على الجهاز ، خيالات و خيالات لا محدودة مهما أعملت فيها فكري لن أتكمن من تخيل نهايتها لأنها تتفاعل كل يوم إرسالاً و استقبالاً و لأنه إعلام متجدد.

أصل النشر بتاريخ ٢٥ /٧ /٢٠١٦م
بصحيفة مفاكرة الإلكترونية