الثلاثاء، 13 مارس 2018

أخلاق الأفاعي

إذا كنت من الذين يسبق انتهازهم للفرص فحيح صامت طويل ، أو يعجزون السير بخطواتهم - الملساء دائماً - منتصبين مستقيمين نحو بغيتهم ، أو أنك مستعد للارتداد سريعاً بأنيابك الخفية نحو وجبة دمٍ مشبعة فاخرة ... فاعلم أنك تمتلك بامتياز وسام أخلاق الأفاعي ، و قبل أن تسمح لابتسامة الانتصار في الارتسام على شفتيك لأن عقلك قد بدأ يعرض الكثير من صور الأشخاص الحاصلين على هذا الوسام وقبل أن ترسل إليهم هذه المقالة نكاية فيهم بحجة النصيحة فإني أرجو منك عزيزي القارئ أن تراجع نفسك أولاً و تتأكد من سلامتك من تلك الصفات فإن وجد شيء منها فتأكد أنك وضعت يدك على نقطة القصور في نفسك و أقنعتها بضرورة معالجتها ، أتدري لماذا؟

لأن أخلاق الأفاعي الوارد نماذجها أعلاه تشتمل على حزمة ضخمة من قبائح الصفات و مساوئ الآثار ، أولها كره الناس لك لأنك مهما احترفت المواربة فلن تستطيع كتم رائحة الغدر و لن تستلذ بطعم النصر الملطخ بسواد البغض ، و لأن الأفعى تقتلها أفعى مثلها و خطواتك الليلية المستترة تسير خلفها خطوات لا تعلم عددها ، و سمُّك الذي تشحذه تحيط به سموم أشد فتكاً ، فإن تجاسرت و نفثت شوك جوفك وقعت في هاوية عميقة الأشواك ، و كما أن البعوضة تدمي مقلة الأسد فشوك الأزهار أو مناقير الحمائم قد تثقب عين أفعى ، و لكن أخطر مساوئ هذه الصفات إفساد نقاوة الواحة التي تقع فيها ، فالسموم المتناثرة و الضربات المتبادلة إن هي لم تقتل أصابت الجميع بالمرض...

و لذلك فإن الرد بالمثل ليس نجاحاً على الدوام ، و خير دواء لفاسد الأخلاق حُسنها و كما أن أخلاق الأفاعي هي سرطان المجتمعات فإن علاجها و أحسن صد لها يكون بأخلاق الجبال ، فما تكون أخلاق الجبال؟؟
هذا هو موضوع المقالة القادمة

الأربعاء، 7 مارس 2018

حرب الشوارع

و هذا العنوان لا يمت لما يجري في العراق أو سوريا أو اليمن بصلة ، إنما هو أدق وصف أراه لما نعايشه في شوارعنا بشكل يومي بسبب أخلاقيات قيادة السيارات لدينا ، و أكاد أجزم أن الكل يتفق بأن هذه الحالة كفيلة باستهلاك الجهاز العصبي و تقصير العمر ، و كأحد السائقين المُعانين من هذا الموضوع فإني أجد أن مسألة تركيز إدارات المرور على المخالفات الظاهرة - كالسرعة و ربط الحزام و استخدام الجوال- ليس كافياً أبداً ، و في ظني أن من أبرز المشاكل التي نعاني منها (التجاوز و التهور في القيادة ، التكدس عند المنعطفات الحرة ، عدم مراعاة تدرج السرعات بين المسارات المختلفة) .

و عليه فإني أتقدم بالاقتراحات الآتية لعل فيها ما يساهم في تقليص المعاناة من المشكلات المطروحة أعلاه:

أولاً : تطوير مدارس تعليم القيادة بحيث تؤهل السائقين - خاصة من تكون قيادة السيارة مهنة بالنسبة لهم - عبر حصص دراسية و عملية لا تقل مدتها عن شهر و لا تزيد عن ستة أشهر ، و يُفترض أن تزيد هذه المدة لسائقي الأجرة و النقل العام ، و يجب أن يكون التدريب شاملاً لفهم الأنظمة و تطبيقها خارج المدرسة و تكوين ثقافة متكاملة تتجاوز مجرد تحريك السيارة - و تلبيقها -

ثانياً : رقع مستوى صرامة الأنظمة على قطاع النقل العام بكل فئاته ، لأن أخطاء القيادة باتت متزايدة لديهم و وظاهرة لا يمكن السكوت عنها و هو ما يؤدي باستمرار لحوادث كارثية و أضرار كبيرة.

ثالثاً : من الواجب و المهم جداً استثمار مناهج التعليم - بدءً من مرحلة الروضة و حتى آخر مراحل التعليم الجامعي -  لغرس أخلاقيات قيادة السيارة الصحيحة ، و أقترح أن تُصبح أحد المواد التي تُدرّس في المرحلة الثانوية أو الجامعية ليجمع التدريب بين المهارة و الثقافة و الأخلاق و هو ما فشلت مدارس تعليم القيادة في فعله منذ تأسيسها.

رابعاً : لقد أصبح واقعاً دخول العنصر النسائي في خضم عالم قيادة السيارة لدينا ، و عليه فإني أقترح أن يُضاف لتدريب النساء مواداً في كيفية التعامل مع حالات الطوارئ و التي من ضمنها حالات التعدي او التحرش ليتعلمن كيفية حماية أنفسهن في أتون حرب شوارعنا الشعواء.