السبت، 5 مارس 2022

المصريون والدخلاء

يقول عالم الاجتماع الفرنسي غوستاف لوبون : (.. من المُشاهَد أنه إذا نُقل جنس من الأجناس إنساناً كان أو حيواناً أو نباتاً من مسقط رأسه إلى بلد مختلف عن بلد فنيَ ولم يتحول -أي لا يندمج ولا يؤثر في المجتمع الجديد-، 

وبرهان ذلك أن عشرة أمم قد احتلت مصر وكانت مصر مقبرة الجميع، وما استطاع محتلٌ أن يستقر فيها. جاءها اليونان والرومان ثم الفرس والعرب ثم الترك وغير هؤلاء وهؤلاء ولم يترك فيها واحدٌ منهم أثر دمه.

إنما النموذج الذي يشاهد فيها هو ذلك الفلاح ذو السحنة الصادقة في الدلالة على أنه سلالة من أولئك الذي رسمهم مهرة الصناع المصريين على قبور الفراعنة وفي جدران قصورهم منذ سبعة آلاف سنة.) غوستاف لوبون - سر تطور الأمم.
وفي رأيي فإن في كلامه شيء من كبير من الصحة وقليل من الخطأ، فثمّ فرق كبير بين الاحتلال والفتح، وتقييم عامل واحد وهو الصفات الجسمانية يؤدي لقصور كبير في معيار الحكم على مدى تأثير الجنس أو الأمة الدخيلة، 

فلغة مصر الرسمية اليوم هي اللغة العربية، ودينها السائد هو الإسلام، وأكثر عادات أهلها لا تختلف عن أي بلد عربي، كما أن تواجد فروع كبيرة من أبناء القبائل العربية المهاجرة عبر السنين منذ دخول الإسلام وإلى اليوم أمر واضح وتأثيره واضح، وهو ما يؤكد ترحيب المجتمع المصري بالمهاجرين من جزيرة العرب وبادية الشام وغيرها من المناطق العربية المحيطة، 

وخلاف ذلك ما جرى مع المحتلين الذي راموا اغتصاب الأرض والتحكم في الشعب فإن المصريين قد لقنوا كل أولئك دروساً تاريخية لا ينسونها وألقوا بهم وطبائعهم إلى مقابر النسيان والاضمحلال.