الأحد، 12 فبراير 2023

يانور العين

كنت منذ مدة أستمع لبعض الأغاني الخليجية القديمة وأكثرها لطلال مداح -رحمه الله- ومحمد عبده، ثم فاجأني اليوتيوب بعرض أغنية (يانور العين) لفنان كويتي لم أكن أعرفه واسمه (يوسف المطرف-رحمه الله-)، وما جهلي به إلا لضعفي في الفن الخليجي بشكل عام وليس نقصاً فيه أبداً.

سمعت الأغنية بسرعة -أي بدون تركيز- لأني كنت أقود السيارة، ولما رجعت البيت وجدتني أبحث عن تلك النغمة التي مرت على أسماعي ومازالت تعزف صدى لحنها في زاوية كانت ساكنة في أقصى عقلي،

فلما وجدتها، وجدتني أثبت التشغيل عليها، وجعلتها تتكرر وتترردد على مدى يومين شبه كاملين، في غدوتي وروحتي وأثناء عملي، أسمها بإمعان وعرضاً بلا استماع.

ثم صرت أسأل نفسي: مالذي علّق هذه الأغنية بالذات في ذهني مع أني لا أرى في كلماتها أو أدائها أي تعقيدات موسيقية أو قفزة فنية تخلتف عما ألفته في الفن من أعلاه إلى منتهاه.

أهو اللحن؟ أهي الموسيقى؟ أم الأداء؟

فوجدت أخيراً أن يوسف المطرف -رحمه الله- لم يكن يغني، بل كان في حالة اندماج تام بالكلمات واللحن والعود، حتى استطاع أن يكون هو المتكلم نفسه في كلمات الأغنية، ولقد كنت أسمع تهدج النفس في صدره مع خروج الكلمات وارتفاع نبرته ثم انخفاضها تبعاً للحالة الموصوفة،

كل ذلك كان في كفة وتعابير وجهه ولمعة عينيه كانت في كفة ثانية.

أليس هذا ما ينسميه (الإحساس)، بلى هو كذلك وهو أيضاً ما افتقدته أكثر الأعمال الفنية اليوم.

والحقيقة أني وبعد كل مرات تكرار الأغنية بحثت عن تسجيلات أخرى لها، فوجدت أكثر من تسجيل للفنان نفسه ولكني لم أجد فيها ذات الإحساس في التسجيل الأول مع أن كلمات الأغنية كان ناقصة فيه، ثم وجدت لابنه (مطرف المطرف) أكثر من تسجيل للأغنية نفسها وهي جميلة خصوصاً الذي كان في موسم الرياض، وأيضاً لم يكن شيء بتدفق إحساس التسجيل الأول عام ١٩٩٣م

وأخيراً رحم الله الفنان يوسف المطرف وغفر له