السبت، 27 أغسطس 2022

ما تبنيلوش

أتردد على أحد المقاهي المعروفة في جدة، وقد تكونت علاقة مودة بيني وبين المشرف المصري الذي يشرف على الخدمة في المكان، 

وفي أحد أحاديثنا المطولة وهو يحكي لي عن ابنه وبناته وعن مدى فخره بما حققوه من تفوق علمي،

 حكى لي عن ابنته الكبرى التي تخرجت من الثانوية العامة بنسبة ٩٩،٦% وأنها على وشك إتمام سنة الامتياز في كلية الطب مع زوجها الذي كان زميلاً لها منذ الصف الأول الابتدائي،

وعن ابنه الذي تخرج بتفوق من أحد المدارس العالمية بعد أن درس الصف الأول الثانوي في الولايات المتحدة ضمن منحة دراسية قدمتها الحكومة للطلبة المتفوقين، وهو الآن في سنته الأولى كطالب بقسم علم الأجنة،

  ولولا ضيق الوقت لكان حكى لي عن ابنته الصغرى التي تخرجت مؤخراً بتفوق من الثانوية العامة، 

لم أكد أتمالك نفسي عندما كانت تلمع عيناه و يتهدج صوته وهو يحكي كل لقطة من لقطات قصة كفاحه في الغربة التي امتدت ثلاثين عاماً بالتمام والكمال، حتى أنه لما قال: (قضيت في الغربة..) استدرك ثم قال: ( بل هي ليست غربة فقد صار أهل هذا البلد أهلي و ناسي وقد شعرت بوفاء كبير منهم كالذي يكون بين الأهل أو أكثر)، 

ثم قال: (لقد أعطتني هذه البلد فوق ما كنت أتوقع أول ما أتيت، وقد كانت رؤيتي محصورة في شي واحد وهو تعليم أطفالي فسخّرت كل إمكانياتي لهذا الهدف الوحيد)، 

ثم سألني: (أتعرف لماذا يا أستاذ خالد؟)
 قلت: (لماذا؟)
قال : (لأن أبي وصاني بوصية في شبابي مازلت أحفظها و أتبع نصها الذي يقول:( ابني ابنك وما تبنيلوش)