الاثنين، 29 يناير 2018

قوة الأخلاق

تحدث في مقال سابق عما أسميته (قوة الجهل) منطلقاً في محاولة فهم هذه القوة من مقولة الإمام الشافعي رحمه الله (ما جادلت عالماً إلا غلبته ، وما جادلني جاهلٌ إلا غلبني) و لأن الجهل يستمد قوته من منظومة أخلاقية تصاحبه فإني أظن أن القوة الوحيدة القادرة على لجمه و أتباعه هي قوة الأخلاق لأني أعتقد أن الجهل قد لا يكون معرفياً فهذا هينٌ لكن الأسوأ هو الجهل الخُلُقي و شاهده من السنة النبوية : (اللهم إني أعوذ بك من أن أضلَّ أو أُضلَّ..أو أجهل أو يُجهل عليّ) الحديث رواه الترمذي ، و لقوة الأخلاق منظومتها الأخلاقية كما لنظيرها و أذكر منها هنا ما يلي:

أولاً- الاحترام : و معناه إضفاء المهابة و الإكبار وإظهار المحبة و إحسان المعاملة ، و قد تعمدت ذكر أكثر المعاني الواردة في المعاجم اللغوية لأهميتها جميعاً ، فتخيلوا مناقشة تُدار تحت مظلة هذه الصفات جميعها فكيف ستكون ، و لو مارسها أحد الطرفين فإن الطرف الآخر سيتأثر لا محالة و لو حاول إخفاء تأثره باصطناع القوة لأن مستوىً من الاحترام سيكون قد فُرض و لن ينزل عنه على الأغلب.

ثانياً – الإكرام : و لو كان للإكرام المادي مجال متاح فهذا خير ، و لو لم يكن فالإكرام اللفظي يُليِّن القلب و يخفف حدة من نناقش و يطفئ شعلة مجادلة قد لا تنتهي على خير إن انفجر أحد طرفيها.

ثالثاً – الإنصات : ولا أقصد به ذلك التوقف عن الكلام لالتقاط الأنفاس و اقتناص الفرص للهجوم من جديد ، بل أعني الإنصات المتعمق لما يقوله الطرف المقابل و المتجرد من عقد النفس ، فلعل للمتكلم رأي له أوجه صحة تدعونا لمراجعة أفكارنا أو شيئاً منها.

و أخيراً : فلا شك عندي أن الحائز على قوة الأخلاق منتصرٌ في أي مناقشة – من الناحية الظاهرية على الأقل- فكيف إذا اصطحبت معها قوة العلم ، عندها ولا شك ستكون قوة لا تُقهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق