الأربعاء، 30 يناير 2019

المنجم المهدور



وكما نعلم جميعاً فإن المنجم هو المكان الذي يحتوي على المعادن الثمينة في باطنه و هي تعتبر من الموارد الطبيعية المهمة لأي بلد.
و مع كل هذا الاهتمام البشري و الحروب الحقيقية و المعنوية الحاصلة بسبب تصادم الأطماع حول هذه الكنوز إلا أن الإنسان في الغالب غافل عن كونه هو الكنز الأثمن على وجه البسيطة.
وكما أني على يقين بأن الحديث عن قيمة الإنسان - التي تعلي من خطورة مسألة التربية - أمر بات متكرراً إلا أني على نفس درجة اليقين بأنكم -أعزائي القراء- مقتنعون أيضاً بأن الكلام مهما تكرر عن هذا الموضوع فإن حقه يبقى منقوصاً لكثرة وسرعة المستجدات في حياتنا.
المُقلق في هذه المسألة أن من الأهالي من يظنون أن أطفالهم مناجم على الوجه المادي البحت ما أغراهم لاستغلالهم شر استغلال ، ومن مظاهر الاستغلال الواضحة ما نراه من قيام بعض الأهالي بنشر صور وانفعالات أطفالهم عبر وسائل التواصل المختلفة ، فمنهم من يعمد لاستعراض ما وهب الله أطفاله من حُسنٍ في المظهر أو براءة في التعبير أو طلاقة في الكلام أو غيرها من مواهب فيستنزف الأهل هذه النعم بعرضها ونشرها صباح مساء ، إلا أن الأسوأ من حّول أطفاله لما يشبه (الجوكرالإلكتروني) -والذي مهمته الترويح عن الناس وإضحاكهم- وذلك بطلب أطفاله القيام بتصرفات سخيفة أو إظهارهم بألبسة غريبة أو تحفيظهم كلاماً تافهاً يجعل منهم أضحوكة للمُتفرج ، ناهيك عما ينطوي الكثير من هذا المعروض على دمار للتربية في الألفاظ و التصرفات.
ولو صرف هؤلاء الأهالي ما يصرفونه في هذا السَفَه فيما ينفع أطفالهم  لكان خيراً لهم و لأطفالهم وللمجتمع ، لكن ماذا نقول لمن تخلى عن مسؤولية التربية لأنها شي ممل ؟ وليتهم اكتفوا بإهمالهم و تركوا أطفالهم على فطرتهم ، بل بلغت بهم الأنانية لجعل براءة عيالهم مصدراً للتسلية و الشهرة و المال أحياناً ، فكيف إذا عرف هؤلاء الأهالي أن أكثر هذه التصرفات تخالف مواثيق حماية الطفل ، فتحويل الأطفال لسلعة معروضة تجذب المتابعين يُعتبر من أنواع الاستغلال الذي عرّفَته لائحة حماية الأطفال الصادرة عن الإدارة العامة للحماية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية –سابقاً- بالآتي (هو قيام أي شخص باستخدام الطفل في أعمال مشروعة أو غير مشروعة مستغلاً صغر سنه أو طيشه أو هواه أو عدم خبرته أو عدم إيقاع العقوبة عليه)
وأقول أخيراً بأن للطفل كيان مستقل له حرمته و من واجبات الأهل حماية هذه الحرمة لا كسرها تحت أي حجة ، كما أن من واجبنا جميعاً استثمار هذه الأجيال فيما ينفعها والمجتمع حتى لا تقع في حفرة المنجم المهدور.


هناك تعليقان (2):

  1. نعم حياتنا وابنائنا وخيراتنا ثروات ومناجم مهدورة ينبغى عمل دراسة وتخطيط وعمل جاد لإستثمار أبنائنا أحسن إستثمار وتربيتهم احسن تربية والنظر في إحتياجاتهم.

    ردحذف
    الردود
    1. فعلاً واجب تخطيط التربية يقع على المنزل أولاً ثم المنظمات التعليمية

      حذف